في قلب الجزائر العاصمة يوجد واحد من أقدم "المتاحف" البشرية بالعالم التي تعنى بالتأريخ لحياة الإنسان، عمر هذا "المتحف" يفوق قرناً من الزمان ويضم مئات الهياكل العظمية وعشرات القطع البشرية، ولكن لا أحد من الناس انتبه على ما يبدو لوجوده، بل هناك حتى أطباء لا يعلمون بوجود "تحفة علمية" ذات قيمة كبيرة في هذا المكان.
المتحف هو نتاج عمل قسم التشريح بكلية الطب بجامعة الجزائر، لكن العمل توقف به عام 1976، ولايزال البروفيسور حمودي سي صالح، المسؤول عن المتحف، يسعى جاهداً لإبطال قرار المنع. وقد كشف المتحدث لـ"العربية.نت"، الأحد 2-1-2011 أنه يقوم باتصالات حثيثة مع عدة هيئات محلية لإعادة العمل بالتشريح خدمة للعلم والإنسانية.
جلد بشري
وأول شيء "يرحب" بالزائر جماجم مصطفة بانتظام عند المدخل، وبالقرب منها تقف مومياء محنطة عمرها قرابة 100 سنة. وعندما يتوغل الزائر أكثر يجد نفسه محاصراً بمئات العظام البشرية، وهي في مجملها القطع العظمية واللحمية التي تشكل جسم الإنسان، لكنها موضوعة بشكل منظم ومدروس يسهل على الزائر الفهم والاطلاع عن قرب على أجزاء من جسمه لم يرها أو لا يستطيع رؤيتها إلا عبر التلفزيون.
غير أن الأمر يختلف تماماً بزيادة خطوة واحدة إلى الأمام داخل المتحف عند ولوج جناح يضم عشرات الأجنة موضوعة في قارورات طبية تبرز في النهاية مراحل تشكل الجنين بداية من عمر الجنين في الشهر الأول إلى غاية الشهر التاسع، بالإضافة إلى وجود قارورات طبية أخرى تضم رؤوس أشخاص عمرها عقود من الزمن تم تقطيعها بالمنشار لأغراض علمية.
ولا يخفي القائمون على إدارة المتحف أسفهم حيال حصر زيارة المتحف على ضيوف الجزائر من الرؤساء والملوك، وينقل البروفيسور حمودي، رئيس مخبر التشريح، عنهم شدة انبهارهم بوجود هذا المخبر في حرم جامعة الجزائر، كما نقل انبهار ودهشة مسؤولين جزائريين وحتى نواب البرلمان عند زيارتهم للمتحف.
التشريح لأغراض علمية "غير محرّم"
مقتنيات المتحف
واتصلت "العربية.نت" بالبروفيسور حمودي فأكد أن "السلطات متفاعلة مع دعوته لإعادة النظر في قرار منع التشريح لأغراض علمية، وقد أجرى مجموعة اتصالات مع الهيئات الوصية تسير في سياق إيجابي". واكتفى المتحدث بتسجيل "ترحيب بالفكرة خصوصاً بعد حديث الإعلام عن الموضوع".
وبخصوص حكم الدين في قضية تشريح جثث الموتى، كشف البروفيسور عن مراسلتين، اطلعت عليهما "العربية.نت"، جرى تداولهما بين وزارتي التعليم العالي والشؤون الدينية بين شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2007، حيث طلبت مديرية التكوين بوزارة التعليم العالي من نظيرتها في الشؤون الدينية الإجابة عن استفسار شرعي لأطباء التشريح، وكان الجواب بـ"جواز تشريح جثث الموتى لأغراض علمية" بناء على فتوى سابقة للمرحوم الشيخ أحمد حماني عندما رئيس المجلس الإسلامي الأعلى.
عِلم عمره 153 سنة بالجزائر
أحد الاجنحة في المتحف
ربما من المفيد الإشارة إلى أن مخبر التشريح التابع لكلية الطب بجامعة الجزائر تم إنشاؤه عام 1857، وكان وقتذاك في باب عزون، ما يعني أن عمر علم التشريح في الجزائر هو 153 سنة.
ومن المهم كذلك الإشارة إلى أن عدد الأطباء في الجزائر تزايد بشكل كبير جداً في ظرف 47 عاماً فقط هي مدة الاستقلال، فقد كان عددهم سنة 1962 لا يتجاوز 1278 طبيباً جزائرياً وأجنبياً، ليرتفع عام 1974 إلى 2672 طبيباً، لكن سنة 1987 شهدت زيادة جيدة جداً في سلك الأطباء بواقع 19 ألف طبيب، وبحلول عام 1999 انفجر الوضع ووصل عدد الأطباء إلى 30 ألف طبيب على المستوى الوطني.
من مقتطفات المتحف
وعملياً، توقف تدريس "مقياس التشريح" لطلبة الطب منذ عام 1976 بناء على قرار غير مكتوب، ففي هذه السنة تقرر إحداث إصلاح لقطاع التعليم العالي وتوقف معها فجأة التشريح عندما توقفت المستشفيات عن تزويد مخبر التشريح بكلية الطب بجامعة الجزائر بجثث الموتى، مع أن المخبر قبل هذه السنة كان يستقبل باستمرار الجثث من المستشفيات لإجراء بحوث ميدانية عليها لفائدة طلبة الطب، ولم يكن الأمر جديداً أيضاً لأن المخبر كان يقوم بالتشريح منذ عام 1857 مروراً بسنة 1962 ووصولاً إلى عام 1976.
ودي وتقديري
{RSS:alkheeer.com}المصدر: منتديات الخير - من قسم: السياحةhgljpt hgfavd fhg[.hzv
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~
المفضلات